فكر للحظة، كيف تعلمت ركوب الدراجة عندما كنت صغيراً؟ كيف تعلمت صنع ساندويتشاً أو كتابة اسمك الخاص؟ قد تكون الإجابة هي أنك تعلمت هذه الأمور من شخص آخر – على الأرجح من شخص يكبرك سناً. على مر السنين، حاول الكثير من العلماء والخبراء الغوص في العقل البشري لفهم كيف نتعلم الأشياء فعليًا. في الثلاثينات، طور بياجيه نظرية النمو المعرفي لتحليل كيفية تعلم الطلاب، وفي الخمسينيات، اعتقد بلوم أن الناس يتعلمون من خلال تصنيف مكون من ستة خطوات تزداد صعوبة. وفي الستينات، اقترح غانيه خمس حالات تحدث أثناء عملية التعلم. أما في السبعينات، اقترح ألبرت بندورا أن الإنسان يتعلم من خلال نظرية التعلم الاجتماعي. إذاً ما هي تطبيقات نظرية التعلم الاجتماعي وما تعريف التعلم الاجتماعي؟
نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا – ما هي فكرتها الأساسية؟
ومن الخصائص المميزة للبشر قدرتهم على التفكير في طريقة تفكيرهم! أليس هو شئُ رائع أننا نستطيع استكشاف عقولنا لكي نتعلم عن عملية التعلم خاصتنا؟
ما هي فكرة نظرية التعلم الاجتماعي لباندورا؟ يعتقد صاحب نظرية التعلم الاجتماعي ألبرت باندورا أن الإنسان يتعلم السلوك من خلال مراقبة سلوكيات الآخرين وتصرفاتهم ونمذجتها. فيقول في كتاب “نظرية التعلم الاجتماعي”:
“إن القدرة غير العادية التي يتمتع بها البشر في استخدام الرموز تمكنهم من تمثيل الأحداث، وتحليل تجربتهم الواعية، والتواصل مع الآخرين على أي مسافة في الوقت والمكان، والتخطيط، والتخلق، والتخييل، والمشاركة في الحركة قبل المشاهدة”.
مثال على نظرية التعلم الاجتماعي
وعلى مر السنين، أجريت عدة تجارب لمحاولة إثبات نظرية التعلم الاجتماعي. وأشهر مثال على نظرية التعلم الاجتماعي هي تجربة دمية بوبو.
تجربة دمية بوبو
تجربة دمية بوبو هي أشهر بحث علمي عن نظرية التعلم الاجتماعي. فأراد باندورا أن يفحص الأطفال بالأخص ليثبت أنهم يتعلمون السلوك من خلال مراقبة البالغين.
وقد بدأ فريق الباحثين هذه التجربة من خلال إساءة معاملة دمية قابلة للنفخ في وجود بضعة أطفال من دار حضانة ستانفورد. فقام الفريق بإساءة معاملة الدمية جسديا وشفويا وبعدها تركوا الأطفال بمفردهم حتى بدأ الأطفال في تكرار نفس السلوك على الدمية.
وتعد تجربة دمية بوبو مثالا رائعاً على نظرية التعلم الاجتماعي. في أيامنا هذه، يستخدم الناس هذه التجربة كمثال لشرح مدى تأثير ألعاب الفيديو العنيفة على الأطفال. ألق نظرة على الفيديو التالي لفهم المزيد حول التجربة.
أمثلة لنظرية التعلم الاجتماعي في الحياة اليومية
قد تندهش لمعرفة أن نظرية التعلم الاجتماعي متواجدة في كل مكان حولنا! يقول المثل القديم: “لا تعطني سمكة.. بل علمني كيف اصطاد”. إذا قمت بالبحث عن أصل هذا المثل، لن تجد ما يفيدك فإن أصله ما زال مجهولا حتى يومنا هذا. ولعل هذا يثبت أن نظرية التعلم الاجتماعي هي مفهوم عالمي غير مقيد بلغات وبلاد مختلفة.
تتضمن بعض تطبيقات نظرية التعلم الاجتماعي في الحياة اليومية ما يلي:
- البرامج التعليمية على اليوتيوب حول وصفات الطعام، والصيانة المنزلية (DIY)، وتعلم اللغة، إلخ.
- الاتجاهات على وسائل الإعلام الاجتماعية مثل رقصات التيكتوك، ومُولد الفن بالذكاء الاصطناعي، والتحديات المختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي.
- محاكاة المتدربون والموظفون الجدد للموظفين الأكبر سنًا في مكان العمل.
مراحل التعلم الاجتماعي
إذاً ما هي قوانين نظرية التعلم الاجتماعي؟ يؤكد ألبرت باندورا أن المبدأ الرئيسي لنظرية التعلم الاجتماعي هو مفهوم الملاحظة. وهو يعتقد أننا نتعلم في المقام الأول من خلال ملاحظة الآخرين ونمذجة أفعالهم. ويتم ذلك من خلال 4 عمليات: الانتباه والاستبقاء والاستنساخ والتحفيز.
ووفقا لباندور فإن “التعلم سوف يكون مجهدا للغاية وملئ بالمخاطر إذا اضطر الناس إلى الاعتماد فقط على التأثيرات المترتبة على تصرفاتهم لإبلاغهم بما يتعين عليهم أن يفعلوا”.
ولهذا السبب تعمل أفكار الملاحظة والنمذجة كدليل يسترشد به الناس لتملي تصرفاتهم. فعادةً ما نميل إلى الانتباه إلى الآخرين وهم يقومون بعمل معين ونقلدهم لتجنب الأخطاء والأخطار وما إلى ذلك.
-
الانتباه
يؤكد باندورا أنه إذا لم ينتبه الشخص إلى الخصائص الرئيسية للسلوك الذي تم نمذجته، فلن يتمكن من التعلم من خلال الملاحظة. ولهذا السبب يتعين علينا أن نراقب الآخرين بشكل جيد إذا كنا راغبين في تعلم شيء جديد. هناك العديد من العوامل التي تحدد كمية الملاحظة التي يلاحظها شخص آخر مثل خصائص المراقَب أو ملامحه.
ومن بين العوامل المحددة الأخرى لعملية الانتباه هي “الأنماط الترابطية”. لذا فإننا نميل إلى إبداء المزيد من الاهتمام إلى أولئك الذين تربط بينهم صلة كأفراد الأسرة، والأصدقاء، والمعلمين، وما إلى ذلك.
ويعتقد باندورا أيضا أننا نعطي المزيد من الاهتمام لأولئك الذين يتمتعون “بجاذبية الشخصية” أو أولئك الذين يتمتعون بصفات أكثر جاذبية. والعكس صحيح أيضا فنحن نميل إلى تجاهل أو رفض أولئك الذين يتمتعون بخصائص أقل جاذبية.
-
الاستبقاء
أما العملية الثانية التي تحدث عندما يتأثر شخص ما بالآخرين فهي الاستبقاء أو تذكر الأنشطة التي تم نمذجتها. ولكي يستفيد المراقبون فعليا من أنشطة شخص، عليهم أن يتذكروا الإجراءات ليتمكنوا من تكرارها في وقت لاحق عندما لا يكون المؤثر حاضرًا.
ويكشف باندورا أن التعلم القائم على الملاحظة يستند إلى أنظمة لفظية أو خيلة. وهذا يعني أننا نتعلم بشكل أفضل عادة من خلال أنشطة السمع ورؤية الأشياء.
فهذا ينطبق على الجانب اللفظي، إذا تعرف شخصاً ما على الطريق إلى مكان معين، فيمكنه استدعاء المعلومات لاحقًا من خلال وصفها في سلسلة من الانعطافات اليمنى واليسرى.
-
الاستنساخ
والعملية الثالثة للنمذجة أو التقليد هى الاستنساخ، ويحدث هذا عندما نحول “التمثيلات الرمزية” إلى أفعال. بعبارة أخرى، هذه هي المرحلة حيث نكون بوسعنا القيام بعمل ما استنادًا إلى العرض التوضيحي لشخص آخر.
ووفقا لما ذكره باندورا، فإن الناس لا يكتسبون المهارات عن طريق الملاحظة فقط، كما لا يمكن اكتساب المهارات عن طريق التجربة والخطأ، فيعطي مثال للعبة الغولف وأن المدرب لا يتوقع مجموعة من المبتدئين أن يتعلموا مبادئ اللعبة عندما يعطيهم كرات الغولف وينتظر منهم أن يبدأوا اللعب.
قد يعجبك هذا المقال: طرق التعليم الحديثة ومميزاتها
-
التحفيز
عادةً ما يبدأ الناس في نمذجة الآخرين عندما يشعرون وكأن النتائج سوف تكون مجزية أو مرضية، وهذا يثبت أن المرء لا يقوم بنمذجة كل ما يتعلمه.
يميل الأشخاص إلى ملاحظة الإجراءات ونتائجها قبل أن يقرروا ما إذا كانت هذه الإجراءات تستحق النمذجة أم لا. كما يحب الناس أن يلاحظوا سلوكهم قبل أن يحاولوا تكراره في المستقبل. فهم يحبون أن يكرروا ما وجدوه مقبولًا أوإيجابيًا أو مرضيًا للذات ويتجنبون ما وجدوه سلبياً أو غير جدير.
أهداف نظرية التعلم الاجتماعي – لماذا ينبغي على المعلمين الاهتمام بها؟
دعونا نلقي نظرة عن كثب على أهداف نظرية التعلم الاجتماعي لكي نفهم لماذا يحب المعلمون استخدامها في الفصل الدراسي.
مزايا نظرية التعلم الاجتماعي في غرفة الصف
دعونا ننتقل إلى إيجابيات نظرية التعلم الاجتماعي، فسيجد المعلمون بالتأكيد أن نظرية التعلم الاجتماعي هي خيار جذاب في دروسهم اليومية.
من بين زوايا نظرية التعلم الاجتماعي التي تجعل العديد من المعلمين يفضلونها هي قدرتها على التكيف في الفصول الدراسية اليوم. ولأن نظرية التعلم الاجتماعي متعددة الأوجه، فإنها تثبت أن هناك طريقة تعلم واحدة تناسب جميع الطلاب.
ولكن هذه النظرية تتضمن الملاحظة والنمذجة والاستنساخ وغير ذلك، وهذا يؤكد إمكانية تعديل نظرية التعلم الاجتماعي و تكييفها لتناسب احتياجات المتعلمين المختلفين.
ومن الأسباب الأخرى التي تجعل المعلمين يحبون نظرية التعلم الاجتماعي سهولة تنفيذهم لها في الفصل. وكما ذكرنا سابقا، ستجد نظرية التعلم الاجتماعي في جميع جوانب الحياة تقريبا وهذا ما يحفزنا على التعلم ومراقبة العالم من حولنا.
وعلى هذا فليس من المدهش أن نعرف أن نظرية التعلم الاجتماعي يمكن تطبيقها بسهولة في الفصول الدراسية اليوم. كما وجد المعلمون أن تطبيق نظرية التعلم الاجتماعي في غرفة الصف فعالة إلى حد كبير لأنها تزيد من تحفيز الطلاب وتفاعلهم أثناء الدروس.
النظرية المعرفية: ما هي؟ وما هي مميزاتها؟
نظرية التعلم الاجتماعي وتأثيرها في العملية التعليمية
-
ربط التعلم الاجتماعي بالألعاب
إحدى الطرق الرائعة لتطبيقات نظرية التعلم الاجتماعي في الفصل هي من خلال التعلم القائم على اللعبة. يمكن أن يساعد ذلك في تحويل طاقة الفصل بأكملها لجعلها أكثر متعة وفائدة للطلاب. يمكنك تقديم الشارات أو المكافآت لإضفاء الحماس على الأنشطة أيضا!
-
التعلم من بعضهم البعض
هل سمعت من قبل عن التعلم التشاركي؟ هذه في الأساس استراتيجية تدريس تضع الطلاب في محور عملية التعلم. وتعتمد على تعلم الطلاب من بعضهم البعض. فهي حقاً طريقة عظيمة لاختبار نظرية التعلم الاجتماعي في غرفة الصف! ستلاحظ أن الطلاب سيصبحون معتمدين على بعضهم البعض تدريجيًا ويساعدون بعضهم البعض ويعملون في فرق.
ومن المؤكد أن هذا يمكن أيضًا أن يحسن من مهارات الاتصال لديهم ويعزز ثقتهم بأنفسهم. وما هو عظيم في هذا الأسلوب هو أنه يمكن تطبيقه لجميع المواد تقريبا – الإنجليزية والرياضيات والتاريخ وعلم الأحياء، إلخ.
هل يمكن التحول من التعليم التقليدي إلى التعليم المقلوب؟
نقد نظرية التعلم الاجتماعي
قد لاحظ بعض الباحثين في نظرية التعلم الاجتماعي أن النظرية لا تهتم بقدرة الإنسان على تطوير سلوكه بناءً على الأفكار والمشاعر. بالتأكيد تقوم النظرية بالاهتمام بالتعلم الذي نكتسبه ممن حولنا، ولكنها لا تركز على عوامل أخرى مهمة مثل عملية التفكير والملاحظة والاستنتاج التي نكتسبها من تجاربنا المختلفة.
سواء كانت هذه هي المرة الأولى التي تسمع فيها عن تطبيقات نظرية التعلم الاجتماعي أو كنت على دراية بالفعل بهذا المفهوم، فهذا يعني أنه حان الوقت لبدء اختبار النظرية مع طلابك. نظرية التعلم الاجتماعي تدور حول كيفية التعلم من بعضنا البعض ولهذا السبب، سيكون من الرائع أن تجلس مع زملائك المعلمين وأن تقوم بمشاركة الأفكار عن التعلم الاجتماعي وتبدأ في العمل!
يسهل نظام سكوليرا على المعلمين تجربة أساليب التعلم المختلفة والأساليب المتنوعة الخاصة بهم بحُرية باستخدام لوحة المعلومات الذكية. تعرف على المزيد عن خصائص سكوليرا نظام إدارة التعلم للمعلمين.
المصادر: