قال إي. إم. فورستر، الكاتب البريطاني “التلقين على المدى الطويل مثل الإطعام بالملعقة فهو لا يعلمنا شئ سوي شكلها”
تخلي عن الأساليب القديمة
والواقع أن صورة الفصل الدراسي المعتاد حيث يلجأ فيه المدرس الي الشرح بشكل رتيب هي صورة غير محببة للطلاب اليوم. يمكن أن تكون تلك الطريقة أحادية الجانب غير عادلة للطلاب لأنها تسلب منهم فرصة التفكير بشكل مستقل، والابتكار.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن مهمة الجلوس في غرفة الصف كمستمع فقط دون أن يكون للطالب أي رأي في الموضوع قيد المناقشة مهمة مملة للغاية. وقد أثبتت دراسات عديدة أهمية الابتكار والتجديد عندما يتعلق الأمر بتقنيات التدريس. وهنا يأتي التعلم النشط ـ وفلسفته هي أن يقوم بتغيير تجربة التعلم بشكل كامل للطلاب على كافة المستويات التعليمية.
ما المقصود بالتعلم النشط؟
التعلم النشط هي طريقة تدريس تشجع الطلاب على المشاركة في محتوى التعلم. وهنا يقوم المعلم بدور المُيسِّر بعكس الطريقة التقليدية حيث يكون أساس التعلم هو المعلم. , فتركز طريقة التعلم هذه على الطالب بشكل أكبر – الذي يعتبر محور الفصل، فيسمح التعلم النشط للطالب أن يتعلم من خلال استراتيجيات أكثر جاذبية من الطرق التقليدية.
انضم الان الى منصه سكوليرا احدث نظام لإدارة المدارسلماذا عليك أن تستعين بالتعلم النشط؟
استراتيجية التعلم النشط قائمة في الأساس على نظرية تعليمية تسمى النظرية البنائية وهي توحي بأن الطلاب لا يتعلمون بشكل سلبي؛ وبدلاً من ذلك فإن عملية التعلم تدور حول البناء والتشييد. وقد اقترح هذه النظرية عالم النفس السويسري جان بياجيه (Jean Piaget) الذي كان مهتماً بشكل كبير بالتنمية النفسية للأطفال.
إن الارتباط بين النظريتين مثير للاهتمام إلى حد كبير حيث أن كلاً من التعلم النشط والبنائية يسلط الضوء على حقيقة أن التعلم تفاعلي وتعاوني في الأساس.
إذا سُمح للطلاب بالتفكير بشكل مستقل ونشط في المحتوى التعليمي، فسيكون أداؤهم بالتأكيد أفضل. أشارت الدراسات إلى أن الطلاب الذين يدرسون في بيئة التعلم التقليدية من المرجح أن يفشلوا في الفصول الدراسية أكثر من طلاب التعلم النشط.
كما أن تجربة التعلم النشط مفيدة جداً للمعلمين أيضاً؛ فبعض خبرات المعلمين تشير بأن الصفوف تكون أكثر متعة وإنتاجية حيث يكون الطلاب أقل خمولا وأكثر نشاطاً.
يقول المتخصصون في التعليم أن عملية تعلم شيء جديد تعتمد بالتأكيد على الاستماع إلى المعلم. ولكن التعلم لا يتوقف عند هذه المرحلة. من الطرق الأكثر فاعلية هي أن يشارك الطلاب في عمليات القراءة والكتابة وحل المسائل، وأن يشاركوا في المناقشات أيضا.
لذلك، يمكن وصف عملية التعلم بأنها معقدة إلى حد كبير. وعلى سبيل المثال، صمم بنيامين بلوم تصنيف بلوم (Bloom) لتصنيف عملية التعلم بالكامل حيث تتم تسوية التعلم بطريقة متتابعة وليس بشكل عشوائي.
يناقش هذا المقال تصنيف بلوم (Bloom) ويقدم اقتراحات للمعلمين لاستخدامها في غرفة الصف.
اقترح دوغلاس ر. بارنز (Douglas R. Barnes) (1989) سبعة مبادئ لنجاح التعلم النشط في غرفة الصف. وهذه المبادئ ضرورية للتنفيذ الكامل للتعلم مع الطلاب. وهذه المبادئ تعتبر المبادئ الرئيسية التي ينبغي أن يكون عليه برنامج التعلم النشط بالنسبة للفصول الدراسية.
- هادفة: لكي تكون المهمة التي يتم تدريسها متوافقة مع احتياجات الطلاب
- تأملية: من المهم أن يقدم الطلاب تأملاتهم الخاصة بعد محتوى الدرس
- تتسم بالتفاوض: من الضروري التفاوض بين المعلم والطالب حول أهداف التعلم
- تتسم بالنقدية: لكي يعترف الطلاب بتنوع طرائق تعلم المحتوى
- مركبة: سيسمح هذا للطلاب بمقارنة محتوى الدرس بالحياة الواقعية، كما سيمنحهم مساحة لبناء تحليل تأملي
- موجهة نحو الموقف: لنجاح مهام التعلم المحددة، ينبغي أن يكون الموقف واضح وأن يؤخذ في الاعتبار
- تتسم بالمشاركة: ينبغي على المعلمين جعل الأنشطة تفاعلية وتستند إلى واقع الحياة
أنواع التفاعل
كما ذكرنا سابقًا، فإن التعلم النشط يتعلق بالتفاعل والمشاركة مع محتوى التعلم من جانب الطلاب. بالنسبة لخطة الدرس التالية، ستحتاج أن تكون على دراية بالأنواع المختلفة للتفاعل في أي بيئة تعلم. و سيساعدك بالتأكيد على تنظيم استراتيجيتك كمعلم ويجعلك على المسار الصحيح فيما يتعلق بتنفيذ التعلم النشط في غرفة الصف.
- التفاعل بين المتعلم والمتعلم
يشير هذا النوع من التفاعل إلى كيفية تفاعل الطلاب داخل غرفة الصف نفسها وربما الاستفادة من بعضهم البعض. هذا منحى جديد في التعلم النشط يشجع الطلاب على التدريس والتعلم في نفس الوقت. وسوف تعمل هذه الاستراتيجية على تطوير مهارات التواصل والعرض التقديمي لدى طلابك.
لقد تم إثبات أن هذه الاستراتيجية تساعد الطلاب على التعلم بشكل أفضل وبالتالي تؤدي أداءً أفضل في التقويمات. كما يشعر الطلاب بأنهم ينتمون إلى دائرة ذات اهتمامات مشتركة؛ وسوف يعزز ذلك ثقتهم في المشاركين جميعاً وسوف يشعرون أيضا بأنهم مهتمون بالمحتوى نفسه.
- التفاعل بين المتعلم والمعلم
وهذا ما يطلق عليه اختصاصيي التوعية الشكل التقليدي للتفاعل، حيث يؤدي المعلمون أدوارهم بصفة أساسية كمعلمين ومرشدين في الوقت نفسه. بطبيعة الحال، يشكل التفاعل بين المتعلمين والمعلم ضرورة أساسية لكل درس.
ولكن الأهم هو الاحتفاظ به في إطار زمني محدود حتى تتمكن من تجربة أنواع مختلفة من التفاعل إذا كنت تريد جعل طلابك أكثر نشاطاً في غرفة الصف.
- التفاعل بين المتعلم والمحتوى
يمكنك السماح لطلابك بأن يكونوا أكثر نشاطاً حتى خارج غرفة الصف أيضاً. ويمكن تحقيق ذلك من خلال منح طلابك الاختيار الفعلي في طريقة تقديم المحتوى الخاص بهم. عندما تقوم بالسماح لهم بالاختيار من بين وسائل الإعلام المختلفة لتعلم المحتوى؛ ستزيل إمكانية الإحباط بالموضوع الذي يتم تدريسه. وبهذه الطريقة، سيكتسب الطلاب معلوماتهم من المحتوى مباشرة، وليس منك أنت كمعلم.
وهذا النوع من التفاعل من شأنه أن يعزز الاستقلال الذاتي ويحسن مهارات البحث.
استراتيجيات التعلم النشط في غرفة الصف
يتطلب تنفيذ التعلم النشط في أي بيئة تعلم دوراً حاسماً من جانب المعلم. التخطيط والبحث والتجريب هي الطرق الأساسية التي يجب أن تحدد من أجلها إطار التدريس المثالي للمشاركين جميعاً. وقد تتطلب العملية ذاتها بعض الجهد في البداية، ولكن النتائج سوف تكون مفيدة ومثمرة بكل تأكيد.
ومن أجل إطار ناجح وسلس، فسوف يكون لزاماً عليك أن تدرس سيكولوجية المتعلمين وأن تحدد ما قد يكون جذاباً لهم من حيث تسليم المحتوى والتقنيات. سوف توفر لك هذه المقالة بعض الاستراتيجيات لاستخدامها في غرفة الصف ويمكن استخدام هذه الاستراتيجيات إما في الفصل أو عبر الإنترنت.
1.استراتيجية الفكر -الثنائي – المشاركة
أحد استراتيجيات التعلم عن بعد للاطفال هي استراتيجية الفكر -الثنائي – المشاركة. يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية ببساطة من خلال طرح سؤال عام على المشاركين جميعاً، ومنح الطلاب الوقت للتفكير فيها بشكل فردي، ومطالبتهم بمناقشة أفكارهم داخل مجموعات ثنائية. بعد ذلك، يمكن للطلاب مشاركة أفكارهم مع المشاركين جميعاً لتعزيز مناقشة أكثر تفصيلاً وأوسع نطاقاً. أما عبر الإنترنت، يتطلب ذلك وجود تخطيط مسبق من جانب المعلم.
على سبيل المثال، يمكن للطلاب من خلال برنامج زووم التواصل مع أقرانهم باستخدام مربع الحوار. وهذه الاستراتيجية مثالية إذا كنت تريد تعزيز مهارات التواصل والعرض والتفكير العميق لدى الطلاب.
جرب سكوليرا الان مجانا!
2.مناظرة الطلاب
تُعد المناقشات التقليدية التي تتم بين الطلاب وجهًا لوجه فاعلة للغاية بالنسبة إلى الفصول الدراسية حيث يكون الطلاب خاملين بشكل كبير. فهم يعلّمون الطلاب أهمية إبداء الرأي، وأهمية المناقشة واحترام وجهات نظر الآخرين.
قد يبدو إجراء مناقشة للطلاب عبر الإنترنت أمراً ملحاً في البداية. ولكن المفتاح الأساسي هو التخطيط السليم لها مع الأخذ في الاعتبار المشاكل المتعلقة بالإنترنت مثل تأخر الصوت العرضي واتصالات الإنترنت غير المستقرة. يمكنك البدء من خلال طرح سؤال مثير للجدل، وإنشاء استطلاع من قائمة زووم لعرض الجدالين مع وضد وإعطاء كل فريق بعض الوقت لمناقشة أفكارهم.
وبعد ذلك، يمكن لمتكلم من كل فريق أن يتولى قيادة المناقشة برمتها. سوف تحافظ هذه الاستراتيجية بالتأكيد على اهتمام الطلاب ورغبتهم في المساهمة؛ على النقيض من المحاضرات التقليدية التي عادة ما تكون أحادية الجانب.
3.التفاعل مع الفيديو
وسوف يعمل تغيير طريقة التدريس بهذه الطريقة على تعزيز مستويات استبقاء الطلاب واهتمامهم بالمحتوى أيضا. نظرًا إلى أن المرئيات تقوم بتعزيز التعلم بنسبة 400%، يجب عليك بالتأكيد دمج مقاطع الفيديو والأفلام الوثائقية ومواد التعلم المرئية في فصلك الدراسي.
لضمان الاستيعاب الكلي، يمكنك التوقف مؤقتاً في فترات زمنية قليلة لطرح بعض الأسئلة. ثمة أسلوب آخر للاستفادة من هذا النشاط وهو جعل هذا الفيديو جزءًا من تقييم أكبر، كمشروع على سبيل المثال. تذكر أن تبقي مقاطع الفيديو واضحة ومنظمة ومفيدة قدر الإمكان.
4.التعلم عن طريق التدريس
تقوم هذه الاستراتيجية بقلب أدوار كل من المعلمين والطلاب في غرفة الصف. فبدلاً من إلقاء محاضرة تقليدية يقوم فيها المعلم بكل التدريس، ينبغي السماح للطلاب بالمساهمة بنشاط أيضاً.
وقد توصلت الدراسات إلى أنه عندما يقوم الطلاب بتعليم المواد والأدوات التي يفترض أن يتم تدريسها، فإنهم يفهمون المعلومات ويحتفظون بها بشكل أفضل. في فصلك الدراسي التالي عبر الإنترنت، اسمح للطلاب بإنشاء عروض تقديمية في نهاية المحاضرة.
يمكن لكل مجموعة من الطلاب اختيار موضوع ومناقشته مع بقية المشاركين جميعاً. بل يمكنهم أيضاً إعداد الأسئلة لتشجيع الطلاب الآخرين على المشاركة.
5.المعامل الافتراضية
لقد أصبحت تشكل المعامل الافتراضية أداة متزايدة الأهمية للطلاب الذين يدرسون العلوم في الأعوام القليلة الماضية. فإن المعامل الافتراضية في غرفة الصف لها فوائد لا حصر لها؛ من إجراء التجارب الصعبة والخطيرة بسهولة إلى توفير الوقت والجهد اللازمين لتشغيل المعامل الحقيقية وصيانتها.
بالطبع، سيساعدك هذا البرنامج على تنفيذ التعلم النشط حيث سيسمح للطلاب بالمشاركة الفعلية في التجارب العلمية بدلاً من الاستماع إلى المعلم الذي يصف التجربة على السبورة.
6.الرحلات العلمية الإلكترونية
إذا كنت معلما في مجال علم الآثار أو علم المتاحف أو التاريخ؛ ستكون الرحلات العلمية الإلكترونية إضافة هائلة لمحاضراتك عبر الإنترنت. إن الرحلات العلمية الافتراضية ستروق للطلاب الذين يتعلمون باستمرار من خلال الكتب المدرسية والمواد المكتوبة.
وسوف يكون هذا جذاباً من الناحية البصرية وممتعاً للتنفيذ أيضا. هناك العديد من مواقع الويب التي تقدم هذه التجربة للأماكن التاريخية والأعمال الفنية والمتاحف.
7. أنشطة صنع القرار
إن اتخاذ القرار وحل المسائل هما عنصران أساسيان في أي عملية تعلم. تؤكد هذه المهارات على مستوى استبقاء الطلاب وقدرتهم على استيعاب الموضوع الموجود. ولهذا السبب، قد يكون من المفيد حقاً أن نطرح مشكلة أو معضلة أو على المشاركين جميعاً وأن نسمح لهم بالتوصل إلى حلول في مجموعات.
وينبغي تشجيعهم على النظر في جميع الحلول الممكنة للمشكلة والأساليب المقترحة لمعالجتها. وقد تكون هذه الاستراتيجية فعّالة بشكل خاص في مجالات التاريخ والعلوم السياسية.
8. المحاكاة وتمثيل الأدوار
لقد أصبح تمثيل الأدوار والمحاكاة جانباً متزايد الأهمية من الألعاب التعليمية التي يتم استخدامها في الفصول اليوم. تعتمد كلتا الاستراتيجيتين على السماح للطلاب بالمشاركة بفاعلية في محتوى التعلم من خلال منحهم دوراً مهماً وتشجيعهم على حل المسائل وعليهم المشاركة في المناقشات. في استراتيجية تمثيل الأدوار في الألعاب التعليمية، يُطلب من الطلاب أن يتقمصون شخصية معينة وأن يقوموا بالتمثيل مع باقي الشخصيات في الفصل.
وعادة ما يكون هذا ضمن إطار عمل ارتجالى، لذا سيكون من المفيد للطلاب بالتأكيد إذا كنت تريد تطوير مهاراتهم الإبداعية. ومن ناحية أخرى، فإن المحاكاة أكثر تنظيماً مع قواعد معينة يلتزم بها الطلاب. تُعد كلتا الاستراتيجيتين طريقة رائعة لتنفيذ بيئة تعلم نشطة في غرفة الصف، خاصة عبر الإنترنت، على الرغم من إمكانية وجود بعض التحديات.
سوف تحتاج إلى وضع خطة الموضوعات وأدوار الطلاب وقواعد اللعبة بشكل صحيح. يمكنك العثور على دليل تفصيلي لتنفيذ هذه الاستراتيجيات هنا.
9.التعلم التعاوني
ومن الاسم نفسه، فإن هذا النوع من التعلم يهتم بروح العمل الجماعي. إن السماح للطلاب بالعمل في مجموعات مفيد للغاية في غرفة الصف. ويمكنهم العمل معاً في العروض التقديمية والأنشطة التي تتطلب عدة أدوار ضمن المجموعة نفسها.
لن يوفر ذلك الوقت والجهد كمعلم فحسب؛ ولكن هذا من شأنه أيضاً أن يعمل على تنمية المهارات اللازمة لطلابك مثل مهارات التفكير العليا، والمسؤولية، واحترام آراء الآخرين، والاستعداد لمكان العمل، وغير ذلك الكثير.
يمكنك تنفيذ التعلم التعاوني بسهولة في الفصول الدراسية عبر الإنترنت من خلال تشجيع الطلاب على العمل من خلال خاصية الغرفة المنفصلة (breakout rooms) من خلال تطبيق زووم. في نهاية الدرس أو المحاضرة، يجب أن تكون كل مجموعة على استعداد لمشاركة نتائجها مع بقية الطلاب.
التعلم النشط هو استراتيجية تعليمية يمكن تنفيذها بطرق متعددة. لقد انتهى عهد المعلم التقليدي إلى المعلم الطالب. لقد حان الوقت لإجراء تغيير كامل في طريقة تعلم الطلاب للمعرفة وتلقيها. لقد ناقش هذا المقال المحكات التي تشكل الأساس لخطة تعلم نشطة ناجحة واقترح العديد من الاستراتيجيات المتعلقة بالتعلم النشط للمعلمين لاستخدامها في فصولهم الدراسية عبر الإنترنت.
سجل الان واكتشف كيف تستطيع سكوليرا تغيير طريقتك لإدارة مدرستك!