تطبيق النظرية المعرفية في الفصل تجعل طلابك أكثر ذكاءاً

دعونا نتخيل سيناريو: لقد انتهيت للتو من شرح درساً واكتشفت أن جميع الطلاب استطاعوا أن يفهموه باستثناء بعض الطلاب.  ثم واصلت الشرح أكثر من مرة، ولكن الطلاب لا يمكنهم الاستيعاب!  

غالبا ما يواجه المعلمون هذا الموقف المتكرر، وعلى الرغم من أنه قد يشكل ضغطا هائلًا عليهم، إلا أنه من واجبهم التأكد من فهم كافة الطلاب للدرس. 

من الحقائق المعروفة أن بعض الطلاب يواجهون صعوبة في استيعاب بعض المفاهيم أكثر من غيرهم. ومن بين الطرق التي يستعد بها المعلمون ذوو الخبرة لهذه المسألة هي البحث عن استراتيجيات ونظريات التدريس المختلفة التي يمكن أن تساعدهم في الفصل، ولذلك تعد النظرية المعرفية للتعلم ممتازة لهذه المسألة بالتحديد! 

ما المقصود بالمعرفة أو الإدراك؟ 

وفقاً لموقع بريتانيكا، فإن الإدراك يشمل العمليات المعرفية وهذا يشمل الحكم أيضا. 

يعتقد الخبراء أن الإدراك يتطور دائما ويحاول التوفيق بين المعلومات الجديدة؛ وهذا بدوره يعمل على تعديل سلوك البشر طيلة حياتهم، كما يتحدد وفقا لعوامل بيولوجية واجتماعية. قدراتنا المعرفية تتوسع باستمرار خلال مراحل الطفولة والمراهقة وبينما ننمو الى مرحلة البلوغ كجزء من العملية الطبيعية للنضج.

ولذلك فإن تعلم وتحليل مفهوم الإدراك أمر بالغ الأهمية ليس فقط لضمان صحة النمو الإدراكي، بل وأيضًا لمنع الأمراض العصبية النفسية. 

نشأة النظرية المعرفية

كان جان بياجيه (Jean Piaget)، عالم النفس السويسري المعروف بدراساته حول نمو الطفل، قد كَذَبَ الأسطورة التي تقول أن الأطفال مثل الأوعية الفارغة التي تتطلب ملأها بالمعلومات.  وهو يعتقد فعلًا أن الأطفال بإمكانهم أن يبتكروا المعلومات بأنفسهم.  ففكر بياجيه أن الأطفال مثل البالغين، فهم قادرون على استيعاب وفهم الحواس البيئية من حولهم. 

مؤسس النظرية المعرفية

وأجرى بياجيه تجارب عديدة لدراسة كيفية تفكير الأطفال والتفاعل مع العالم الخارجي.  وعلى عكس المعلومات المنتشرة في وقته، استنتج بياجيه أن الأطفال ليسوا متلقين سلبيين للمعلومات ولكنهم يبحثون عن المعلومات من خلال الاستكشاف ويتصرفون وفقا لذلك. 

بدأ بياجيه بدراسة أبنائه لتطوير نظريته الخاصة بالتطور المعرفي وتهدف هذه النظرية إلى شرح المراحل المعرفية التي يمر بها الطلاب أثناء نموهم. 

وتستند نظريته في التعلم الإدراكي إلى فكرة أن التعلم يحدث بشكل نشط، وخاصة بالنسبة للأطفال.  فهو يبين أن التعلم لا يحدث من تلقاء نفسه بل إنها عملية معقدة تسمح لهم بربط المعلومات التي يتعلمونها بالمعلومات التي يعرفونها لتعزيز ذاكرتهم وقدرتهم على التعلم. 

باختصار، فإن الإدراك هو قدرة العقل على تلقي المعلومات والاحتفاظ بها من خلال حواسنا. 

اقرأ المزيد: طرق التعليم الحديثة ومميزاتها

ما هى مراحل النظرية المعرفية؟

تقترح النظرية المعرفية أن الطلاب  يمرون بأربع مراحل من نمو العقل مما يوضح التعقيد المتزايد لأفكارهم ومشاعرهم. 

ووفقا لنظريته، فإن الأطفال يمرون بهذه المراحل بالترتيب وتختلف كل مرحلة عن الأخرى، وتتضمن كل مرحلة شكلًا أعلى من القدرات الفكرية. 

كيف يحدث التعلم في النظرية المعرفية؟

• المرحلة الحسية (Sensorimotor Stage): هذه هي المرحلة الأولى من النظرية المعرفية ويحدث هذا بين الولادة والسنة الثانية للطفل.  في هذا الوقت، يقتصر فهم الطفل للعالم على “تصوراته الحسية وأنشطته الحركية”. كما أن سلوكه يتحدد من خلال ردود فعله الحركية نتيجة للحوافز التي تحيط به. 

 

• مرحلة ما قبل التنفيذ (Pre-Operational Stage): هذه هي المرحلة الثانية من النظرية المعرفية التي تحدث بين سن 2 و 6 عندما يكون الطفل في فترة اكتساب اللغة.  في هذه المرحلة، لا يستطيع الطفل أن يتقن فهم المنطق بالكامل، أو أن يبدل المعلومات أو يتلقى وجهات نظر الآخرين. 

 

• مرحلة التنفيذ المادي (Concrete Operational Stage): هذه هي الفترة التي يبلغ فيها الأطفال 7 أعوام حتى 11. وعند هذه النقطة يبدأ الطفل في فهم “العمليات العقلية”. ويبدأ في التفكير بطريقة مادية أو ملموسة أكثر من قبل من دون الاعتراف بالأفكار المجردة أو فهمها. 

 

• مرحلة التنفيذ الرسمي (Formal Operational Stage): هذه هي المرحلة النهائية للنظرية المعرفية فتبدأ عند سن ال12 وحتى سن البلوغ.  والآن يكون نشأ الطفل وأصبح قادرًا على فهم الأفكار المجردة.  كما يمكنه اكتساب المهارات الأساسية مثل التفكير المنطقي والمرونة المعرفية والاستدلال المنطقي. 

 

7 طرق لتطبيق التفكير الإبداعي في التدريس

تطبيقات النظرية المعرفية في التعليم المبرمج

يمكن أن تكون النظرية المعرفية للتعلم مفيدة جدا للمعلمين لتنفيذها في الفصول. ولكن الأمر لا يتعلق بنظرية بياجيه فحسب،  فقد حاول علماء النفس والخبراء الآخرون طرح نظريات أخرى لفهم السلوك البشري والإدراك.  ألقَ نظرة على الأمثلة التالية للنظرية المعرفية:   

تطبيقات النظرية المعرفية في التعلم

• تطبيق نظرية التحفيز المعرفية 

تعتمد نظرية التحفيز المعرفية على فكرة تعريف نمط السلوك البشري وشدته وفقا للهدف الذي يحاول هذا الشخص تحقيقه.  وفي إطار غير رسمي، يعرف ذلك أيضًا باسم التفكير القائم على التمني؛  يحدث ذلك عندما يفكر البشر في خططهم للمستقبل وأحلامهم وتطلعاتهم. 

ومن المؤكد أن وضع هذه النظرية في الحسبان عند تخطيط الأنشطة للطلاب في الفصل سوف يعزز من تحفيز طلابك وتفاعلهم.  اكتشف ما يحفزهم بالضبط وابدأ من هناك! 

• تنفيذ النظرية المعرفية الاجتماعية 

وهذه نظرية اقترحها ألبرت باندورا عالم النفس الكندي الأميركي في عام 1977.  فتلك النظرية تضم مجالات مثل علم الاجتماع، وعلم النفس، بل وحتى العلوم السياسية.  وفي جوهر الأمر، تعترف هذه النظرية بمفهوم الملاحظة في تحديد السلوك الاجتماعي. 

وبعبارة أخرى، فإن النظرية المعرفية الاجتماعية تنص على أن السلوك البشري هو العلاقة بين عناصر الإدراك والبيئة. وهذا يعزز فكرة أن البشر قادرون على تغيير بيئتهم وفقا لأغراضهم أو أهدافهم.  وتشير النظرية إلى تأثير تصرفات أشخاص آخرين على شخص فردي وبالتالي، تأثير هذه التصرفات والسلوكيات على تصرفاته. 

ومن المؤكد أن هذه النظرية قد تساعدك في فهم أهمية دراسة حياة طلابك، ليس فقط في خلفيتهم الأكاديمية، بل وأيضًا في وضعهم العائلي وظروفهم المعيشية.  لماذا؟  سيمنحك هذا نظرة عامة على طرق تحديد المشاكل والعمل على حلها داخل المدرسة. 

• تشجيع التعلم القائم على الاكتشاف 

من المحتمل أنك تعرف بالفعل ما هو التعلم القائم على الاكتشاف من اسمه، أو ربما قمت بالفعل بتنفيذه في أحد الفصول.  هذه النظرية اقترحها في البداية جيروم برونر، عالم النفس الأمريكي. تقوم النظرية على مفهوم الاستقصاء والاستكشاف؛ فهي تحث الطلاب على استخدام معرفتهم الحالية لتعلم معلومات جديدة من خلال الخيال والإبداع. 

ووفقا لبرونر، لا يمكن تحقيق التعلم دون البحث بنشاط عن حلول – فهو لا يقتصر على حفظ ما يقرأ أو يسمع.  تعتمد طريقة التعلم هذه على حل المسائل وتحليل المعلومات وتفسير المعلومات الجديدة.  ويمكن تنفيذ ذلك مع الطلاب في شكل تجارب موجهة ذاتيا، ودروس قائمة على المناقشة، وحتى مشروعات قائمة على البيانات. 

مميزات النظرية المعرفية

لقد ناقشنا العمليات المختلفة للنظرية المعرفية وأنواعها. ولكن ماذا عن مزايا النظرية المعرفية؟ لماذا يتم تنفيذها في التعليم؟  كيف ستفيد طلابك؟ 

النظرية المعرفية وتطبيقاتها التربوية

يحب المعلمون تنفيذ النظريات المعرفية في الفصول من أجل: 

1. تعزيز ثقة الطلاب في أنفسهم من خلال تمكينهم من التفكير في المهام المعقدة والعمل على حلها بشكل مستقل. 
2. تشجيع الطلاب على أن يكونوا متعلمين مدى الحياة لا يكفوا عن التفكير والتحليل حتى بعد المدرسة. 
3. السماح للطلاب باكتساب مهارات وقدرات جديدة بعد تعريضهم لمجموعة متنوعة من الأنشطة الصفية التي تعطي الأولوية للإدراك المعرفي.
4. مساعدة الطلاب على اكتساب المعلومات وفهم المهام بشكل أسرع وأسهل. 
5. تحفيز الطلاب على أن يكونوا قادرين على التأمل الذاتي والتحليلي في ما يتعلق بالمدخلات الخاصة بهم في مشروع داخل غرفة الصف. 
6. حث الطلاب على التفكير في أهمية التفكير الجماعي وقوته.

مجرد القراءة عن النظرية المعرفية تشكل بداية عظيمة إذا كنت تريد البدء باستخدامها في تعليم طلابك.  الآن بعد أن فهمت المبادئ الأساسية والعمليات والأنواع والفوائد التي تقدمها هذه النظرية، فكر في كيفية الاستفادة من هذه المعلومات في إحداث فرق فعلي في الفصل الدراسي.  كيف يمكنك تطبيق أي من استراتيجيات النظرية المعرفية المذكورة لمساعدة الطلاب الذين يواجهون حقًا صعوبات في الفصل؟ 

المصادر: 

1. Jean Piaget Quotes
2. Piaget’s Stages of Cognitive Development
3. Child Development Theories and Examples
4. Britannica : Cognition
5. What is cognition?
6. Britannica: Jean Piaget
7. A Review Of Social Cognitive Theory From The Perspective Of Interpersonal Communication
8. Cognitive Theories of Motivation
9. Britannica: Jerome Bruner
10. E-learning industry: Instructional Design Models and Theories: The Discovery Learning Model
11. Britannica: Albert Bandura